مهمة رسمية للمملكة الأردنية الهاشمية
كنت في الأسبوع الماضي في زيارة رسمية للمملكة الأردنية الهاشمية حيث كانت وجهة الوفد - الذي كنت من ضمنه - دائرة الإفتاء الأردنية .
وزيارة دور الإفتاء في الدول العربية – لاسيما المشهورة منها - خطوة اتخذتها إدارة الإفتاء منذ عامين تقريباً ، وذلك للاطلاع على تجارب تلك الدول في تنظيم العمل المؤسسي للإفتاء .
ولقد زرت عدة دور إفتاء في عالمنا العربي، غير أن زيارتي للأردن تركت بصمة متميزة في أوراقي التي أسجل بها وجهة نظري الخاصة حول دور الإفتاء والمفتين في وطننا العربي .
فمن تلك الليلة التي حطت طائرتنا في عمَّان بدأ برنامج عملنا ، حيث تعرفنا على ثلة طيبة من مفتي دائرة الإفتاء كفضيلة الدكتور باسل الشاعر وفضيلة الشيخ حسان أبو عرقوب، حيث تعرفنا من خلالهم على الخطوط العريضة لعمل دائرة الإفتاء لديهم.
وفي صباح اليوم التالي كان لقاؤنا مع سماحة مفتي المملكة الأردنية الهاشمية فضيلة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، ولا أستطيع أن أصفه بأكثر من أنه وعاء ملئ خلقاً وأدباً جمًّا، كما أنه لم يزده منصبه العلمي والإداري إلا تواضعاً وخلقاً رفيعاً، ولولا أن المقالة ينبغي أن تكون قليلة الأسطر كثيرة المعاني لفصَّلت في لقائنا مع سماحته ، حيث إنه شرح لنا شرحاً وافياً حول تنظيم دائرة الإفتاء ، وكان يجيب عن استفساراتنا حول موضوع حديثه بكل رحابة صدر ولين عريكة .
كما أننا التقينا في اليوم ذاته مع عطوفة الأمين العام المهندس علي أحمد موسى حيث شرح لنا شرحاً وافياً عن العمل الإداري المتَّبع ، ولا أخفيكم سرًّا أنني كنت أتابع وبكل دقة ما كان يقول لتقاطع العمل الإداري لدينا مع ما هو معمول لديهم.
كما أننا التقينا بفضيلة مفتي محافظة العاصمة الشيخ الدكتور محمد الخلايلة، والذي شرح لنا المراحل التي تمر بها الفتوى من قدوم المستفتي وكتابة استفتائه إلى أن تصدر الفتوى بشكلها الرسمي .
وتوالت زياراتنا لأقسام دائرة الإفتاء في اليوم التالي كقسم الموقع الإلكتروني للدائرة والقائم عليه فضيلة الشيخ جميل أبو سارة والذي شرح لنا شرحاً وافياً حول طبيعة عملهم، كما أننا زرنا قسم الفتوى الهاتفية وغيرها من الأقسام .
ومما لفت نظري في هذه المؤسسة أن العاملين فيها يعملون كلُحْمةٍ واحدةٍ وفي اتجاه واحد لتحقيق مصلحة المؤسسة، ولم تكن مسمياتهم الإدارية تشكل عائقاً نحو قيام البعض بما ليس من اختصاصه إن لزم الأمر، فوجدنا من يعمل مفتياً وفي الوقت نفسه يساعد في العمل الإلكتروني، كما أنه يعمل باحثاً شرعياً أيضاً ، ومع ذلك لم أر أيَّ خلل أو اضطراب يذكر في الإنجاز .
وفي اليوم الثالث زرنا دار الإفتاء فرع محافظة إربد وهي مدينة تبعد تقريباً 80 كيلو من مدينة عمان، والتقينا فضيلة الشيخ النَّبيه الدكتور إبراهيم عجُّو؛ حيث بين لنا فنون التعامل مع المستفتين، وذكر لنا عدة أمثله من واقع دائرة إفتاء إربد مما يتضح من خلالها يقظة مفتيها وفهمهم لواقع المجتمع .
كما أننا زرنا في اليوم الرابع سماحة قاضي القضاة فضيلة الشيخ الدكتور/ أحمد هليِّل حيث التقينا به وبجمع مبارك وثلة طيبة من القضاة العاملين في المحاكم الشرعية، وتعرفنا من خلالهم على طبيعة عملهم، واستفدنا من تجاربهم العملية، وتعرفنا على طرق الفصل في قضايا الأحوال الشخصية لاسيما الطلاق منها، كما أطلعنا فضيلة الدكتور أحمد هليل على أن هناك توجهاً لدائرة قاضي القضاة لإنشاء معهد إقليمي للقضاء يخدم دول المنطقة. وفي الحقيقة لقد كان اجتماعاً ثريًّا بمعنى الكلمة .
وقد خلصت من هذه المهمة الرسمية التي قمنا بها - بالإضافة إلى ما استفدناه عِلميًّا وإداريًّا - إلى أمرين :
أولاً : أنه لا بد من التواصل العلمي وتوطيد العلاقات بين المؤسسات العلمية للدول العربية خاصة؛ لما هم شركاء فيه من دين ولغة وتاريخ وأعراف.
ثانياً : أنه لا يمكن لأي فرد أو مؤسسة أن تقيس مدى جودة عملها حتى تطلع على تجارب الآخرين؛ لأن الإنسان لا يزال متميزاً في نظر نفسه حتى يرى عمل الآخرين .
وأخيراً وليس آخراً؛ نشكر فضيلة مفتي المملكة الأردنية الهاشمية والعاملين في الدائرة وكل من التقينا بهم في هذه المهمة حيث استفدنا منهم الكثير في عملنا المؤسسي.
بقلم/ تركي عيسى المطيري
مدير إدارة الإفتاء